كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال جمع من خصائص هذه الأمة الأشهر الهلالية‏.‏

- ‏(‏خ ت عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏ق عن أم سلمة‏)‏ أم المؤمنين ‏(‏م عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ‏(‏وعائشة‏)‏ أم المؤمنين لكن لفظهما إن الشهر تسع وعشرون بحذف يكون ولا بد من تقديرها ليكون عشرين خبرها، ذكره أبو زرعة‏.‏

‏[‏ص 349‏]‏ 2019 - ‏(‏إن الشياطين‏)‏ جمع شيطان من شطن بعد عن الرحمة أو الصلاح، أو شاط يعني احترق ‏(‏تغدو براياتها‏)‏ أي تذهب أول النهار بألويتها وأعلامها إلى ‏(‏الأسواق‏)‏ أي مجامع البيع والشراء ‏(‏فيدخلون‏)‏ ها ‏(‏مع أول داخل‏)‏ إليها ‏(‏ويخرجون‏)‏ منها ‏(‏مع آخر خارج‏)‏ منها فلما كانت عادة الراية استعمالها في معركة القتال استعيرت هنا لتعارك الناس عند البيع والشراء وحلفهم الأيمان الكاذبة لرواجها واحتمال أنها رايات حقيقية حجبت، ورؤيتها عنا بعيدة، والمراد أنهم لا يفارقون السوق ما دام الناس فيه لإغوائهم أهله ووسوتهم لهم بالغش والخديعة والخيانة ونفاق السلعة باليمين الكاذب ونحو ذلك ولهذا مزيد يأتي على الأثر والقصد التحذير من دخوله إلا لضرورة‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ الباهلي قال الهيثمي وفيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك‏.‏

2020 - ‏(‏إن الشيخ‏)‏ أي من وصل إلى حد الشيخوخة ‏(‏يملك نفسه‏)‏ أي يقدر على كف شهوته وقمع لذته فيصير حاكماً عليها ومن قدر على منع نفسه مما لا ينبغي فلا حرج عليه في التقبيل وهو صائم‏.‏

- ‏(‏حم طب عن ابن عمرو‏)‏ ابن العاص قال‏:‏ كنا عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فجاء شاب فقال يا رسول اللّه أقبل وأنا صائم قال لا فجاء شيخ فقبال أقبل وأنا صائم قال نعم فنظر بعضنا إلى بعض فقال قد علمت لم نظر بعضكم لبعض إن الشيخ إلخ قال الهيثمي فيه ابن لهيعة والكلام فيه معروف‏.‏

2021 - ‏(‏إن الشيطان‏)‏ من شطن بعد أو شاط هلك والمراد إما إبليس فاللام للعهد وإما نوعيه فللجنس ‏(‏يحب الحمرة‏)‏ أي يميل ميلاً شديداً إليها ‏(‏فإياكم والحمرة‏)‏ أي احذروا لبس المصبوغ بها لئلا يشاركم الشيطان فيه لعدم صبره عنه ‏(‏وكل ثوب ذي شهرة‏)‏ أي صاحب شهرة يعني المشهور بمزيد الزينة والنعومة أو مزيد الخشونة والرثاثة فإن قلت قد ذكر علة النهي عن لبس الأحمر وهو محبة الشيطان فما باله لم يذكر علة ذي الشهرة قلت إنه تركه لعلمه من ذلك بالأولى فإنه إذا كان الأحمر محبوباً للشيطان فذو الشهرة محبوب له أكثر لأنه أعرق في الزينة وفيه مفاسد لا توجد في الأحمر البحت القاني، والخطاب للرجال وهذا من أدلة من ذهب إلى تحريم لبس الأحمر‏.‏

- ‏(‏الحاكم في الكنى‏)‏ أي في كتاب الكنى وكذا ابن السكن وابن منده ‏(‏وابن قانع‏)‏ في معجم الصحابة ‏(‏عد هب‏)‏ من طريق أبي بكر الهزلي قال ابن حجر رحمه اللّه تعالى وهو ضعيف ‏(‏عن رافع بن يزيد‏)‏ كذا بخط المصنف وهو الموجود في الشعب وغيرها وفي نسخة رافع بن خديج وهو خطأ بل هو رافع بن يزيد الثقفي قال ابن السكن لم يذكر في حديثه سماعاً ولا رؤية ولست أدري أهو صحابي أم لا ولم أجد له ذكراً إلا في هذا الحديث وقال الجوزقاني في كتاب الأباطيل هذا حديث باطل وإسناده منقطع قال ابن حجر في الإصابة وقوله مردود فإن أبا بكر الهذلي لم يوصف بالوضع وقد وافقه سعيد بن بشير وغايته أن المتن ضعيف أما حكمه عليه بالوضع فمردود انتهى وقال في الفتح الحديث ضعيف وبالغ الجوزقاني فقال إنه باطل وقد وقفت على كتاب الجوزقاني وترجمه بالأباطيل وهو بخط ابن الجوزي وقد تبعه على أكثره في الموضوعات لكن لم يوافقه على هذا الحديث ولم يذكره فيها فأصاب انتهى ورواه الطبراني أيضاً باللفظ المزبور عن رافع المذكور قال الهيثمي وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف ثم إن فيه يوسف بن سعيد‏.‏ قال الذهبي‏:‏ مجهول‏.‏

‏[‏ص 350‏]‏ 2022 - ‏(‏إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم‏)‏ أي مفسد للإنسان أي بإغوائه ومهلك له كذئب أرسل في قطع من الغنم ‏(‏يأخذ الشاة القاصية‏)‏ أي البعيدة عن صواحباتها وهو حال من الذئب والعامل معنى التشبيه وهو تمثيل مثل حالة مفارقة الجماعة واعتزاله عنهم ثم تسلط الشيطان عليه بحالة شاة شاذة عن الغنم ثم افتراس الذئب إياها بسبب انقطاعها ووصف الشاة بصفات ثلاث فالشاذة هي النافرة والقاصية هي التي قصدت البعد لا عن تنفير ‏(‏والناحية‏)‏ بحاء مهملة التي غفل عنها وبقيت في جانب منها فإن الناحية هي التي صارت من ناحية الأرض ولما انتهى التمثيل حذر فقال ‏(‏وإياكم والشعاب‏)‏ أي احذروا التفرق والاختلاف ففي الصحاح شعب الشيء فرقه وشعبه أيضاً جمعه فهو من الأضداد، وفي الأساس الشعب الطريق والنهر وظبي أشعب متباين القرنين جداً وتشعبتهم الفتنة ‏(‏وعليكم بالجماعة‏)‏ تقرير بعد تقرير وتأكيد بعد تأكيد أي الزموها وكونوا مع السواد الأعظم فان من شذ شذ إلى النار ‏(‏والعامة‏)‏ أي السواد الأعظم من المؤمنين ‏(‏والمسجد‏)‏ أي لزومه فإنه مجمع الأخيار وموطن الأبرار وأحب البقاع إلى اللّه تعالى ومنه ينفر الشيطان فيعدو إلى السوق وينصب كرسيه وسطه ويركز رايته ويبث جنوده ويقول دونكم من رجال مات أبوهم وأبوكم حي، فمن بين مطفف في كيل وطائش في وزن ومنفق سلعته بيمين مفتراه ويحمل عليهم بجنوده حملة فيهزمهم ويقلبهم إلى المكاسب الرديئة وإضاعة الصلوات ومنع الحقوق فلا يزال هذا دأب الشيطان مع أهل الغفلة من أول دخول أولهم إلى آخر خروج آخرهم فهذا ما أشار إليه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بقوله في الحديث السابق والدواء النافع من ذلك لداخله تقوى اللّه ولزوم الذكر المشهور المندوب لداخل السوق الذي يكتب لقائله فيه ألف ألف حسنة ويحط عنه ألف ألف خطيئة ويرفع له ألف ألف درجة‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ من حديث العلاء بن زياد ‏(‏عن معاذ‏)‏ ابن جبل قال الحافظ العراقي رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعاً اهـ، وبينه تلميذه الهيثمي فقال العلاء لم يسمع من معاذ والرجال ثقات‏.‏

2023 - ‏(‏إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه‏)‏ أي من أمره الخاص به أو المشارك فيه غيره فإنه بصدد أن يغايظ الإنسان المؤمن ويكايده ويناقضه حتى يفسد عليه شأنه في كل أموره قال ابن العربي‏:‏ لا يخلو أحد من الخلق عن الشيطان وهو موكل بالإنسان يداخله في أمره كله ظاهراً وباطناً عبادة وعادة ليكون له منه نصيب ‏(‏حتى يحضره عند طعامه‏)‏ أي عند أكله للطعام وشربه للشراب ‏(‏فإذا سقطت‏)‏ أي وقعت ‏(‏من أحدكم اللقمة‏)‏ حال الأكل ‏(‏فليمط ما كان بها من أذى‏)‏ أي فليزل ما عليها من تراب أو غيره، والإماطة التنحية‏.‏ قال في الصحاح‏:‏ إماطه نحاه ومنه إماطة الأذى عن الطريق ‏(‏ثم ليأكلها‏)‏ ندباً أو يطعمها غيره ‏(‏ولا يدعها للشيطان‏)‏ أي لا يتركها له ‏(‏فأذا فرغ‏)‏ من الأكل ‏(‏فليلعق أصابعه‏)‏ أي يلحسها-والأمر بالأكل للندب ومحله إذا لم تتنجس أما إذا تنجست وتعذر غسلها فينبغي له أن يطعمها لنحو هرة- قال في الصحاح‏:‏ لعق الشيء لحسه وبابه فهم والملعقة بالكسر واحدة الملاعق واللعقة بالضم اسم ما تأخذه الملعقة واللعقة بالفتح المرة الواحدة واللعوق اسم ما يلعق اهـ وزاد في روايات أو يلعقها غيره ممن لا يتقذر ذلك ‏(‏فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة‏)‏ أفي الساقط أم في ما في القصعة أم في ما على الأصابع‏؟‏ قال المحقق أبو زرعة الظاهر أن المراد هنا وفيما مر ويجيء بالشيطان الجنس فلا يختص بواحد من الشياطين والشيطان ‏[‏ص 351‏]‏ كل عات متمرد، وهبه من الجن والإنس والدواب لكن المراد هنا شياطين الجن خاصة ويحتمل اختصاصه بالشيطان الأكبر إبليس وفيه الكبر وتغيير عادة الأكابر، إماطة الأذى عن المأكول والمشروب وإرغام الشيطان بلعق الأصابع، وأكل المتناثر وإطابة المطاعم حساً ومعنى‏.‏

- ‏(‏م عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ورواه عنه أيضاً أبو يعلى وغيره‏.‏

2024 - ‏(‏إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته‏)‏ أي وهو فيها ‏(‏فيلبس‏)‏ بتخفيف الباء الموحدة المكسورة أي يخلط ‏(‏عليه حتى لا يدري‏)‏ أي يعلم ‏(‏كم صلى‏)‏ من الركعات ‏(‏فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد‏)‏-أي فليبن على اليقين وهو الأقل ويكمل صلاته ويسجد- للسهو ندباً عند الشافعي ووجوباً عند أبي حنيفة وأحمد ‏(‏سجدتين‏)‏ فقط وإن تعدد السهو ‏(‏هو جالس قبل أن يسلم ثم يسلم‏)‏ من الصلاة وبعد أن يتشهد سواء كان سهوه بزيادة أو نقص وهذا كما ترى نص صريح شاهد للشافعي في ذهابه إلى أن محل سجود السهو قيل السلام ورد على أبي حنيفة في جعله بعده مطلقاً ومالك رضي اللّه تعالى عنه في قوله للزيادة يكون بعده وللنقص قبله وفيه أن سجود السهو سجدتان فقط وهو إجماع، وأما الخبر الآتي كل سهو سجدتان بعد ما يسلم فضعيف لا يقاوم هذا الحديث الصحيح‏.‏

- ‏(‏ت ه عن أبي هريرة‏)‏ قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي إسناده جيد‏.‏

2025 - ‏(‏إن الشيطان‏)‏ لفظ رواية أحمد إن إبليس بدل الشيطان ‏(‏قال وعزتك‏)‏ أي وقوتك وشدتك ‏(‏يا رب لا أبرح أغوي-بفتح همزة أبرح وضم همزة أغوي أي لا أزال أضل بني آدم أي إلا المخلصين منهم ويحتمل العموم ظناً منه إفادة ذلك- أي لا أزال أضل ‏(‏عبادك‏)‏ الآدميين المكلفين يعني لأجتهدن في إغوائهم بأَي طريق ممكن ‏(‏ما دامت أرواحهم في أجسادهم‏)‏ أي مدة دوامها فيها ‏(‏فقال الرب وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني‏)‏ أي طلبوا مني الغفران أي الستر لذنبهم مع الندم على ما كان منهم والإقلاع والخروج من المظالم والعزم على عدم العود إلى الاسترسال مع اللعن وظاهر الخير أن غير المخلصين ناجون من الشيطان وليس في آية ‏{‏لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين‏}‏ ما يدل على اختصاص النجاة بهم كما وهم لأن قيد قوله تعالى ‏{‏ممن اتبعك‏}‏ أخرج العاصين المستغفرين إذ معناه ممن اتبعك واستمر على المتابعة ولم يرجع إلى اللّه ولم يستغفر ثم في إشعار الخبر توهين لكيد الشيطان ووعد كريم من الرحمن بالغفران قال حجة الإسلام‏:‏ لكن إياك أن تقول إن اللّه يغفر الذنوب للعصاة فأعصى وهو غني عن عملي فإن هذه كلمة حق أريد بها باطل وصاحبها ملقب بالحماقة بنص خبر‏:‏ الأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على اللّه الأماني، وقولك هذا يضاهي من يريد أن يكون فقيهاً في علوم الدين فاشتغل عنها بالبطالة وقال إنه تعالى قادر على أن يفيض على قلبي من العلوم ما أفاضه على قلوب أنبيائه وأصفيائه بغير جهد وتعلم فمن قال ذلك ضحك عليه أرباب البصائر وكيف تطلب المعرفة من غير سعي لها واللّه يقول ‏{‏وأن ليس للإنسان إلا ما سعى‏}‏، ‏{‏إنما تجزون ما كنتم تعملون‏}‏‏.‏

- ‏(‏حم ع ك عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الهيثمي‏:‏ أحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح وكذا أحد إسنادي أبي يعلى ورواه عنه الحاكم أيضاً وقال صحيح وأقره الذهبي‏.‏

‏[‏ص 352‏]‏ 2026 - ‏(‏إن الشيطان لم يلق عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏منذ أسلم إلا خر‏)‏ أي سقط ‏(‏لوجهه‏)‏ هيبة منه ومخافة له لاستعداده له ومناصبته إياه لأنه لما طلعت عليه شمس النبوة وأشرقت عليه أنوار الرسالة لبس لأمة الحرب وتحلى بأنواع الأسلحة وحل في حومة الحرب بين باعث الدين وداعي الهوى والشيطان فكان القهر والغلبة لداعي الدين فرد جيش الشيطان مغلوباً فكان إذا لقيه بعد ذلك استسلم له فالخبر عبارة عن ذلك يحتمل الحقيقة وهكذا حال الأكابر معه حتى قال أبو حازم‏:‏ ما الشيطان حتى يهاب فواللّه لقد أطيع وعصي فما ضر وكان بعض العارفين يتمثل له الشيطان بصورة حية في محل سجوده فإذا أراد السجود نحاه بيده ويقول واللّه لولا نتنك لم أزل أسجد عليك وقال بعض العلماء‏:‏ لولا أن الحق سبحانه أمرنا بالاستعاذة منه ما استعذت منه لحقارته‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ من طريق الأوزاعي وكذا ابن منده وأبو نعيم ‏(‏عن سديسة‏)‏ بالتصغير الأنصارية قيل هي مولاة حفصة بنت عمر قال الهيثمي ولا يعلم للأوزاعي سماع من أحد من الصحابة ورواه في الأوسط عن الأوزاعي عن سالم عن سديسة وهو الصواب وإسناده حسن إلا أن عبد الرحمن بن الفضل بن موفق لم أعرفه وبقية رجاله وثقوا‏.‏

2027 - ‏(‏إن الشيطان ليأتي أحدكم وهو في صلاته فيأخذ بشعرة من دبره فيمدها فيرى‏)‏ أي يظن المصلي ‏(‏أنه أحدث‏)‏ بخروج ريح من دبره فإذا وقع ذلك ‏(‏فلا ينصرف‏)‏ من صلاته أي لا يتركها ليتطهر ويستأنف ‏(‏حتى يسمع صوتاً‏)‏ أي صوت ريح يخرج منه ‏(‏أو يجد ريحاً‏)‏ أو يشم رائحة خرجت منه وهذا مجاز عن تيقن الحدث لأنها سبب للعلم به فالمدار على تيقن الحدث بذلك أو بغيره ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين كما في الديباج لأنه قد يكون أصم أو أخشم فذكر ذلك إنما هو جري على الغالب أو خروج على سؤال وفيه أن خروج الخارج من قبل أو دبر يوجب الحدث بخلاف الشك فيه وهذا أصل قاعدة عظيمة وهي أن التيقن لا يرفع بالشك والمراد به مطلق التردّد الشامل للظن والوهم فيعمل باليقين استصحاباً له فمن تيقن الطهر وشك في ضده أخذ بالطهر هبه في صلاة أم لا وإنما ذكر الصلاة لذكرها في سؤال سائل فلا يعتبر في الحكم كما لا يعتبر فيه كونه في المسجد كما جاء في رواية والكلام على القاعدة المذكورة مبسوط في كتب الفقه وهذا أصل قاعدة إن اليقين لا يرفع بالشك‏.‏

قال الغزالي‏:‏ الشيطان يأتي ابن آدم من قبل المعاصي فإن امتنع أتاه من وجه النصح حتى يلقيه في بدعة فإن أبى أمره بالتحرج والشدة حتى يحرم ما ليس بحرام فإن أبى شككه في وضوئه وصلاته حتى يخرج عن العلم فإن أبى خفف عليه أعمال البر حتى يراه الناس صابراً عفيفاً فيميل قلبه إليهم ويعجب بنفسه وبه يهلكه وعنده يشدّ حاجه لأنه آخر درجاته ويعلم أنه لو جاوزه أفلت منه إلى الجنة‏.‏

- ‏(‏حم ع عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الهيثمي فيه علي بن زيد اختلف في الاحتجاج به‏.‏

2028 - ‏(‏إن الشيطان‏)‏ في رواية مسلم إن إبليس وهو نص صريح في أن المراد بالشيطان هنا إبليس ولا اتجاه لترديد أمير المؤمنين في الحديث‏:‏ الحافظ ابن حجر بقوله المراد بالشيطان إبليس أو جنس الشيطان لأنه الشيطان الأكبر كما قاله الحافظ العراقي ‏(‏إذا سمع النداء بالصلاة‏)‏ أي الأذان لها ‏(‏حال‏)‏ قال في المصباح حال حولاً من باب قال إذا مضى ‏[‏ص 353‏]‏ ومنه قيل للعام ولو لم يمض حول لأنه سيمضي وقال الزمخشري رحمه اللّه‏:‏ حال عن مكانه يحول ‏(‏له‏)‏ أي حالة كونه له وفي رواية حوله بحاء مهملة أي ذهب هارباً كذا في نسخة المؤلف وفي نسخ أحال بالهمزة ‏(‏ضراط‏)‏ حقيقي يشغل نفسه به عن سماع الأذان والجملة حال وإن لم تكن بواو اكتفاء بالضمير كما في ‏{‏اهبطوا بعضكم لبعض عدو‏}‏ ‏(‏حتى‏)‏ أي كي ‏(‏لا يسمع صوته‏)‏ أي صوت المؤذن بالتأذين لما اشتمل عليه من قواعد الدين وإظهار شرائع الإسلام والقول بأن المراد حتى لا يشهد للمؤذن بما سمعه إذا استشهد يوم القيامة اعترضوه ‏(‏فإذا سكت‏)‏ أي فرغ المؤذن من الأذان ‏(‏رجع‏)‏ الشيطان ‏(‏فوسوس‏)‏ للمصلين والوسوسة كلام خفي يلقيه في القلب وإنما يجيء عند الصلاة مع ما فيها من القرآن لأن غالبها سر ومناجاة فله تطرق على إفسادها على فاعلها وإفساد خضوعه بخلاف الأذان فإنه يرى اتفاق كل المؤذنين على الإعلام وعموم الرحمة لهم مع يأسه من رد ما أعلنوا به عليهم ويذكر عصيانه ومخالفته فلا يملك الحدث ‏(‏فإذا سمع الإقامة‏)‏ للصلاة ‏(‏ذهب‏)‏ أي وله ضراط وتركه اكتفاء بذكره فيما قبله فيشغل نفسه به لثقل الأذان والإقامة عليه ‏(‏حتى لا‏)‏ أي لئلا ‏(‏يسمع صوته فإذا سكت‏)‏ المقيم ‏(‏رجع‏)‏ الشيطان ‏(‏فوسوس‏)‏ إليهم وفيه فضل الأذان والإقامة إذ لولاه لما تأذى منهما الشيطان وحقارة الشيطان وهوائه على أهل الإيمان ولو ناصبوه واستعدوا له لأعيوه تعباً وأبعدوه هرباً لأنه إذا حصل له من الأذان ما ذكر وهو بلا قصد له فكيف بمن قصده واستعد له، بيد أن الأكابر لا يبالون به لعدم السلطان له عليهم فهو يروض نفسه على ضرهم فلا يقدر ويضر نفسه كالفراش بأمن النار فيلم بها فتحرقه قال أبو زرعة والظاهر أن هربه إنما يكون من أذان شرعي مستجمع للشروط واقع بمحله أريد به الإعلام بالصلاة فلا أثر لمجرد صورته وقال الغزالي‏:‏ قوت الشيطان الشهوات فمن كان قلبه خالياً عنها انزجر عنه بمجرد كرم اللّه كما لو وقف عليك كلب جائع وليس عندك ما يؤكل فبمجرد أن تقول له اخسأ اندفع وإن كان عندك ذلك هجم ولم يندفع بمجرد الكلام فالشهوة إذا غلبت على القلب تدفع حقيقة الذكر إلى حواشي القلب ولم يتمكن من سوء يداه فيستقر الشيطان فيه والقلوب الخالية من الهوى والشهوات يطرقها الشيطان لا للشهوات بل لخلوها بالغفلة عن الذكر فإذا عاد إلى الذكر خنس الشيطان وإن كنت تقول الحديث ورد مطلقاً بأن الذكر والصلاة يطرد الشيطان ولم تفهم أن أكثر عمومات الشرع مخصوصة بشروط يعرفها علماء الدين فانظر لنفسك فليس الخبر كالمعاينة وتأمّل أن منتهى ذكرك صلاتك فراقب قلبك وانظر كيف يجاذبه الشيطان إلى الأسواق وحساب المعاملين وكيف يمر بك في أودية الدنيا ومهالكها حتى إنك لا تتذكر ما نسيت من فضول الدنيا إلا في صلاتك ولا يزدحم الشيطان على قلبك إلا فيها والصلاة محك القلوب وكما أن اللّه تعالى قال ‏{‏ادعوني أستجب لكم‏}‏ وأنت تدعو فلا يستجيب فكذا تذكر اللّه ولا يهرب الشيطان عنك لفقد الشروط في الذكر والدعاء‏.‏

- ‏(‏م عن أبي هريرة‏)‏ وفي الباب غيره أيضاً‏.‏

2029 - ‏(‏إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول‏)‏ موسوساً مستدرجاً من رتبة إلى رتبة ليوقع المكلف في الشك في اللّه تعالى ‏(‏من خلق السماء‏؟‏ فيقول اللّه فيقول من خلق الأرض‏؟‏ فيقول اللّه فيقول من خلق اللّه‏؟‏‏)‏ رواية البخاري من خلق ربك ‏(‏فإذا وجد ذلك أحدكم‏)‏ في نفسه ‏(‏فليقل‏)‏ بقلبه ولسانه راداً على الشيطان ‏(‏آمنت باللّه ورسوله‏)‏ فإذا لجأ الإنسان إلى اللّه في دفعه اندفع بخلاف ما لو اعترض إنسان بذلك فإنه يمكن قطعه بالبرهان والفرق أن الآدمي يقع منه سؤال وجواب والحال معه محصور بخلاف الشيطان كلما ألزم حجة زاغ لغيرها‏.‏

قال العارف ابن عربي رضي اللّه عنه‏:‏ لا مناسبة ‏[‏ص 354‏]‏ بين الواجب والممكن وأنى للمقيد معرفة المطلق وذاته لا تقتضيه وكيف يمكن أن يصل الممكن إلى معرفة الواجب بالذات وما من وجه للممكن إلا ويجوز عليه العدم والافتقار فلو جمع بين الواجب لذاته وبين الممكن بوجه جاز على الواجب ما جاز على الممكن من ذلك الوجه وذلك في حق الواجب محال فإثبات وجه جامع بينهما محال فلم نصل إلى معرفته سبحانه إلا بالعجز عن معرفته لأنا طلبنا أن نعرفه كما نطلب معرفة الأشياء كلها من جهة الحقيقة التي المعلومات عليها فلما علمنا أن ثم موجوداً لا مثل له ولا صورة في الذهن ولا يدرك فكيف يضبطه العقل فنحن نعلم أنه موجود واحد في ألوهيته وهذا هو العلم الذي طلب منا غير عالمين بحقيقة ذاته التي يعرف سبحانه عليها‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح خلا أحمد بن محمد بن نافع الطحان شيخ الطبراني وهذا الحديث رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه بلفظ يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق السماء من خلق الأرض فيقول اللّه فيقول من خلق اللّه فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل آمنت باللّه ورسوله‏.‏

2030 - ‏(‏إن الشيطان يأتي أحدكم‏)‏ أيها المخاطبون بأي صفة كنتم ‏(‏فيقول من خلقك فيقول اللّه فيقول فمن خلق اللّه فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت باللّه ورسوله‏)‏ أي قل أخالف عدو اللّه المعاند وأومن باللّه وبما جاء به رسوله ‏(‏فإن ذلك يذهب عنه‏)‏ لأن الشبهة منها ما يندفع بالإعراض عنها ومنها ما يندفع بقلعه من أصله يتطلب البراهين والنظر في الأدلة مع إمداد الحق بالمعرفة والوسوسة لا تعطي ثبوت الخواطر واستقرارها فلذا أحالهم على الإعراض عنها قال الغزالي من مكايد الشيطان حمل العوام ومن لم يمارس العلم ولم يتبحر فيه على التفكر في ذات اللّه وصفاته في أمور لا يبلغها حد عقله حتى يشككه في أمر الدين أو يخيل إليه في اللّه خيالاً يتعالى اللّه عنه فيصير به كافراً أو مبتدعاً وهو به فرح مسرور متبجح بما وقع في صدره يظن أن ذلك هو المعرفة والبصيرة وأنه انكشف له ذلك بذكائه وزيادة عقله وأشد الناس حمقاً أقواهم اعتقاداً في عقل نفسه وأثقب الناس عقلاً أشدهم اتهاماً لنفسه وظنه وأحرصهم على السؤال من العلماء والنبي لم يأمره في علاج هذا الوسواس بالبحث فإن هذا وسواس يجده العوام دون العلماء وإنما حق العوام أن يؤمنوا ويسلموا ويشتغلوا بعبادتهم ومعاشهم ويتركوا العلم للعلماء فإن العامي إذا زنى أو سرق خير له من أن يتكلم في العلم باللّه بغير إتقان وإلا وقع في الكفر من حيث لا يدري كمن يركب لجة البحر ولا يعرف السباحة، ومكايد الشيطان فيما يتعلق بالعقائد والمذاهب لا تحصر‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر القرشي في كتابه ‏(‏مكايد الشيطان عن عائشة‏)‏ قضية كلام المصنف أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة عازياً لابن أبي الدنيا وهو عجيب فقد خرجه الإمام أحمد وأبو يعلى والبزار قال الحافظ العراقي ورجاله ثقات‏.‏

2031 - ‏(‏إن الشيطان واضع خطمه‏)‏ أي فمه وأنفه والخطم من الطير منقاره ومن الدابة مقدم أنفها وفمها ‏(‏على قلب ابن آدم فإن‏)‏ وفي نسخة فإذا والأولى هي الثابتة بخط المصنف ‏(‏ذكر اللّه تعالى خنس‏)‏ انقبض وتأخر ‏(‏وإن نسي اللّه التقم قلبه‏)‏ فبعد الشيطان من الإنسان على قدر ملازمته للذكر والناس في ذلك متفاوتون ولهذا تجنب أولياء الرحمن ‏[‏ص 355‏]‏ قال أبو سعيد الخراز‏:‏ رأيت إبليس فأخذ عني ناحية فقلت تعال فقال إبش أعمل بكم لزمتم الذكر وطرحتم ما أخادع به قلت ما هو قال الدنيا فولى عني ثم التفت وقال بقي لي فيكم لطيفة قلت ما هي قال السماع وصحبة الأحداث قال الغزالي‏:‏ مهما غلب على القلب ذكر الدنيا ومقتضيات الهوى وجد الشيطان مجالاً فوسوس ومهما انصرف القلب إلى ذكر اللّه ارتحل الشيطان وضاق مجاله وأكثر القلوب قد افتتحها جند الشيطان وملكوها ومبدأ استيلائه اتباع الهوى ولا يمكن فتحها بعد ذلك إلا بتخلية القلب عن قوت الشيطان وهو الهوى والشهوات وعمارته بذكر اللّه وقال الحكيم‏:‏ قد أعطي الشيطان وجنده السبيل إلى فتنة الآدمي وتزيين ما في الأرض له طعماً في غوايته فهو يهيج النفوس إلى تلك الزينة تهييجاً يزعزع أركان البدن ومستقر القلب حتى يزعجه عن مقره ولا يعتصم الآدمي بشيء أوثق ولا أحصن من الذكر لأنه إذا هاج الذكر من القلب هاجت الأنوار فاشتعل الصدر بنار الأنوار وهيج العدو نار الشهوات فإذا رأى العدو هيجان الذكر من القلب ولى هارباً وخمدت نار الشهوة وامتلأ الصدر نوراً فبطل كيده‏.‏

قال الغزالي‏:‏ أهل المكاشفة من أرباب القلوب يتمثل لهم الشيطان بمثال في اليقظة فيراه الواحد منهم بعينه ويسمع كلامه ويقوم ذلك بمقام حقيقة صورته كما ينكشف في المنام للصالحين وإنما المكاشف في اليقظة هو الذي انتهى إلى رتبة لا يمنعه اشتغال الحواس بالدنيا عن المكاشفة التي تكون في النوم فيرى في اليقظة ما يراه النائم كما روي عن ابن عبد العزيز أن رجلاً سأل ربه أن يريه موضع الشيطان من قلب الآدمي يرى في النوم جسد رجل يشبه البلور يرى داخله من خارجه والشيطان بصورة ضفدع قاعد على منكبه الأيسر له خرطوم طويل أدخله في منكبه إلى قلبه يوسوس إليه فإذا ذكر اللّه خنس ومثل هذا قد يشاهد في اليقظة وقد رآه بعض المكاشفين بصورة كلب جاثم على جيفة يدعو الناس إليها أو لقصد أن يصدق بأن الشيطان ينكشف لأرباب القلوب وكذا الملك، إلى هنا كلامه‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ في المكائد ‏(‏ع هب‏)‏ كلهم ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الهيثمي فيه عند أبي يعلى عدي بن أبي عمارة وهو ضعيف‏.‏

2032 - ‏(‏إن الشيطان‏)‏ أي عدو اللّه إبليس كما جاء مصرحاً به في رواية مسلم ‏(‏عرض لي‏)‏ أي ظهر وبرز لي أي في صورة هرّ كما جاء في رواية أخرى ‏(‏فشد‏)‏ أي حمل ‏(‏علي‏)‏ في رواية إن عفريتاً من الجن تفلت عليّ بمروره بين يدي وإليه ذهب أحمد لأن المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم حكم بقطع الصلاة بمرور الكلب الأسود فقيل ما بال الأحمر والأبيض من الأسود قال الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن يتصورون بصورته ويحتمل كون قطعها بأن يصدر من العفريت أفعال تحوج إلى دفع منافية للصلاة فيقطعها بتلك الأفعال ‏(‏ليقطع الصلاة‏)‏ الليلية وأخر لفظ عليّ ليفيد أن التسليط على إرادة القطع إنما هو على ظاهر الصلاة ‏(‏عليّ فأمكنني اللّه تعالى منه‏)‏ أي جعلني غالباً عليه ‏(‏فذعته‏)‏ بذال معجمة وعين مهملة مخففة وفوقية مشددة أي خنقته خنقاً شديداً قال ابن الأثير‏:‏ والذعت بذال ودال الدفع العنيف والعكر في التراب وإنكار الشافعي رضي اللّه تعالى عنه رؤية الجن محمول على رؤيتهم على صورهم الأصلية بخلاف رؤيتهم بعد التصور في صورة أخرى على أن الكلام في غير المعصوم ‏(‏ولقد هممت‏)‏ أي أردت ‏(‏أن أوثقه‏)‏ أي أقيده ‏(‏إلى سارية‏)‏ من سواري المسجد ‏(‏حتى تصبحوا‏)‏ أي تدخلوا في الصباح ‏(‏فتنظروا إليه‏)‏ موثقاً بها وفي رواية أو تنظروا إليه على الشك ‏(‏فذكرت قول‏)‏ زاد في رواية أخي ‏(‏سليمان‏)‏ عليه السلام قال الحرالي‏:‏ يقال هو من السلامة وأنه من سلامة مقدرة من تعلقه بما خوله اللّه من ملكيه ‏{‏هذا من فضل ربي ليبلوني (1) أأشكر أم أكفر‏}‏ وهو واحد كمال في ملك العالم المشهور من الأركان الأربعة وما فيها من المخلوقات ‏(‏رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي‏)‏ فاستجيب دعاؤه ‏(‏فرده اللّه‏)‏ أي دفعه اللّه وطرده ‏(‏خاسئاً‏)‏ أي صاغراً مهيناً ولم أحب أن أشارك سليمان عليه السلام في ذلك لتكون دعوتي مدخرة لأمتي وهي من خسأت الكلب فانخسأ أي زجرته فانزجر قال الحكيم‏:‏ وجه خصوصية سليمان عليه الصلاة والسلام أن غيره من الحكام أمر أن يحكم بالظاهر بشاهدين ويمين المنكر وربما شهد زوراً وحلف كاذباً والذي سأله سليمان عليه الصلاة والسلام فأعطيه الحكم بما يصادف الحق باطناً فكان يحكم بين الوحش والطير والإنس والجن قال الإمام الرازي رحمه اللّه تعالى‏:‏ والجن أجسام لطيفة فيحتمل أن تصور بصورة يمكن ربطه معها حتى يعود لما كان عليه قال الغزالي‏:‏ وفي الحديث إشارة إلى أنه لا يخلو قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولان بالوسوسة‏.‏

- ‏(‏خ عن أبي هريرة‏)‏ قضية صنيع المصنف أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه بل روياه معاً في الصلاة عن أبي هريرة عنه بلفظ أن عفريتاً من الجن تلفت البارحة ليقطع عليّ صلاتي إلى آخر ما هنا‏.‏

2033 - ‏(‏إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة ذهب حتى يكون مكان الروحاء‏)‏ بفتح الراء والمد بلد على نحو ستة وثلاثين ميلاً أو أربعين من المدينة أي يبعد الشيطان من المصلي بعد ما بين المكانين أو التقدير يكون الشيطان مثل الروحاء في الخمود والبعد ذكره الطيبي وذلك لئلا يسمع صوت المؤذن وقصد الشارع بهذا الحديث الإرشاد إلى طريق محاربة الشيطان فإن الإنسان بصدد عبادة الحق ودعوة الحق إليه بفعله والشيطان أبداً بصدد أن يناقضك ويكايدك وعليك أن تنتصب لمحاربته وقهره وإبعاده فمن أعظم ما يقهره ويبعده ويزجره الأذان وملازمة الذكر في جميع الأحيان‏.‏